مخطوط هذا الكتاب للوالد، تركه دون أن يتمكن من نشره في حياته، وهو ككتاب غيره، وربما كتبًا أخرى- نشر باسم من اعتبر نفسه وريثًا شرعيًا لأعمال هذا الكاتب الموسوعي الكبير، فأساء إليه أيما إساءة، وحسب أن صمت سنينًا طويلة مضت على هذا العمل غير الودي للوالد – يرحمه الله- ممكن أن يطمس وتطويه الذاكرة، غير انني قررت المضي قدمًا في كشف هذه الحقيقة الغائبة عن الكثيرين، واخترت أن تكون في حياة من سطت على المخطوط ونشرته على أنه أحد مؤلفاتها، لأعطيها الفرصة للرد إن كان لديها رد ما.
أول ما سنلاحظه في الكتاب تاريخ تأليفه، فقد حرصت ناشرة الكتاب باسمها على أن ينشر بعد وفاة الوالد، تاريخ النشر هو العام 2010، أي سنة وفاة الوالد (27/03/2010)، لكننا سنستدل بوضوح على أن الكتاب نشر بعد الوفاة لكن في نفس عام الوفاة، وكأن الأمر كان مبيتًا، ففي الإهداء: "إلى روح ابي الحبيب العلامة المضيئة في تاريخ القضية الفلسطينية... إلى فؤاد عباس- الباحث الدؤوب الموسوعي الذي لم يفارق البحث إلى آخر أيامه "من المحبرة إلى المقبرة". وبالطبع فليس من المتوقع أن تنشر الكاتبة كتابًا لوالدها وتضع اسمها عليه وهو حي يرزق. وواضح من الإهداء أن المهدى إليه باحث كبير، والواضح أكثر أن كتاب "أساطير من فلسطين" الذي سطت عليه الكاتبة هو ثمرة من ثمرات أبحاث هذا المؤلف الموسوعي الكبير الذي تخصص في الموروث الشعبي الفلسطيني. الساطية روائية وشاعرة وناقدة لكنها ليست باحثة بأي حال من الأحوال، وأتحدى أن تثبت أنها تعرف أو على علم بأي من أسماء المراجع التي حفل بها الكتاب، إلى جانب أنها لا تجيد اللغة الإنجليزية لا تحدثًا ولا قراءة ولا كتابة، حتى في كتاباتها النقدية، سنلاحظ أنها لا تستعين بالمراجع والمصادر الأدبية، وهو ما سنلاحظه في كتابيها عن محمود درويش ونزار قباني، ففي كتابها "نزار قباني شاعر هذا العصر"، وهو الكتاب الذي يقع في ما يقارب ستمئة صفحة سنجد في نهاية الكتاب قائمة مراجع تضم أحد عشرة مرجعا هي عبارة عن عناوين لدواوين أشعار نزار وقصائده..!
لقد تضمن الكتاب الذي جاء نتاج بحث متعمق وجهد متميز أسماء عشرات الباحثين – عربًا وغير عرب- أتحدى أن تكون الكاتبة على دراية أو معرفة بمؤلفاتهم، لا سيما أولئك الباحثين الذين استعان الوالد بأبحاثهم بعد أن ترجمها من الإنجليزية إلى العربية، وحيث يظهر بغاية الوضوح أن الكتاب لا يمكن أن يكون من انتاجها، وأنها سطت عليه بشكل مستهجن بما يسيىء إلى تراث والدها، وكم كان سيكون جميلاً لو نشرت الكتاب باسم فؤاد عباس، وهو ما كان سيجعل منها رمزًا للمحبة والفاء لوالد ضحى من أجل أسرته ووطنه ومبادئه.