بذلت دولة الإستعمار الإسرائيلية في العامين الأخيرين إهتماما ملوحظا لما يسمى بالممتلكات اليهودية في الدول العربية، إستعدادا لإية تسوية ممكنة الطرح في المستقبل القريب، أو حتى البعيد. وأعلنت عبر وسائل الإعلام وفي المنابر المختلفة، ان قيمة الممتلكات اليهودية في الوطن العربي تبلغ 250 مليار دولار أميركي. مما دفع بعض المختصين هيئات واشخاص بالرد على المطالبة الإسرائيلية، وتم مناقشة الأمر من زاوية العدد والقيمة. وأعتقد ان مجرد البحث في الرد على المطالبة الصهيونية من هذة الزاوية فيه قصور، ومجاراة للمنطق الخاطىء من حيث المبدأ.
لا يجوز بحال من الأحوال فلسطينيا وعربيا الإستعداد للبحث في هذة المسألة، لإنها غير صحيحة من حيث المبدأ، ومرفوضة قانونيا وساسيا وإقتصاديا، وبكل المعايير، لماذا؟ لإن الحركة الصهيونية العالمية، ومن ثم قاعدتها المادية دولة الإستعمار الإسرائيلية أولا قامت على إستعمار ونهب الأرض الفلسطينية العربية، وكانت بحاجة ماسة لإداة لضمان تنفيذ جريمتها، كانت هذة الأداة، هم اتباع الديانة اليهودية؛ ثانيا لجأت أجهزة الحركة الرجعية والدولة الكولونيالية بإرغام القطاع الأوسع من اليهود الأبرياء على الهجرة إلى فلسطين عبر التضليل والترهيب والتهديد بالقتل، أو تفجير كنسهم ومعابدهم ومحالهم التجارية؛ ثالثا وفي بعض الدول العربية تم الإتفاق بين قيادة الحركة الصهيونية وقادة تلك الدول ومنها حكومة السويدي في العراق والمغرب على فتح الباب أمام هجرة اليهود لفلسطين العربية، وتم ذلك بعد ان باعوا أملاكهم ومقتنياتهم، واخذوها معهم؛ رابعا من يعود لتصريحات ومواقف قادة الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل منذ أول مؤتمر للحركة الصهيونية في بازل بسويسرا 1897 وحتى يوم الدنيا هذا، يكتشف بيسر شديد مواقف القيادات الصهيونية التاريخية، وعملها الحثيث على تهجير ونقل اليهود عبر كل الوسائل اللامشروعة إلى الأرض الفلسطينية العربية، ومازالت تتابع الوكالة اليهودية ودولة الإستعمار على نقل يهود الفلاشا وارتيريا والسودان والهند وفرنسا، التي يجري الآن التريبات لنقل 200 الف يهودي فرنسي بذريعة حمايتهم من المقولة النافرة والممجوجة "اللاسامية" وباملاكهم وأموالهم؛ خامسا هناك فرق شاسع بين أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين العرب، الذين شردوا وطردوا من ديارهم ووطنهم الأم، وبين الغزاة الصهاينة، الذين تم جلبهم للوطن الفلسطيني العربي كغزاة مجرمين، وبغض النظر عن شكل واسلوب وجودهم في فلسطين؛ سادسا وجود اليهود الصهاينة في فلسطين، هو وجود إستعماري وباطل، ويتناقض مع روح القانون الدولي، رغم وجود القرار الدولي 181، الذي منح اليهود الصهاينة "الحق" بإقامة دولة على أرض فلسطين، لإنه قرار جائر ومرفوض، ويتناقض مع روح العدالة التاريخية والجغرافية، وهذا لا ينطبق على اليهود الفلسطينيين العرب، وعددهم لم يكن يتجاوز الـ 80 الفا حتى إقامة الدولة الصهيونية، الذين هم جزءا لا يتجزأ من ابناء الشعب العربي الفلسطيني؛ سادسا الإدعاء الصهيوني الإستعماري بـ"تعويض" اليهود، هو مناورة للإلتفاف على حق العودة والتعويض لإبناء الشعب العربي الفلسطيني من اللاجئين هذا من جانب، ولتضليل الرأي العام العالمي بأن لليهود الصهاينة أملاك في الدول العربية؟!؛ سابعا هناك مثال المملكة المغربية التي سمحت بإنتقال اليهود طوعيا لإسرائيل، ومازالوا يترددوا على وطنهم الأم في المغرب حتى الآن، ومن حقهم أن يعودوا لديارهم وأملاكهم في الوقت، الذي يشاؤون. ولكن المعادلة هنا تختلف، لإن قيادة الحركة الصهيونية عندما طلبت نقلهم لإسرائيل، قامت بدفع تعويض للمملكة المغربية لقاء ذلك، لأن اليهود المغاربة كانوا من الكفاءات، ويحتلون مواقع مهمة في مؤسسات الدولة. ومع ذلك دفعت الحركة الصهيونية ثمنا لذلك.
كثيرة الأسباب والعوامل، التي تتناقض مع الرؤية الأستعمارية الإسرائيلية. وعليه لا يجوز لإي فلسطيني أو عربي أو اممي الوقوع في متاهة الخطئية الصهيونية الإستعمارية، والغرق في حسابات عدد من هاجر من هنا أو من هناك، وهل لهم أملاك ام لا؟ ومع ذلك باب الدول العربية مازال مفتوحا، ومن يريد العودة لوطنه الأم فهذا حقه، ولا يوجد ما يحول بينه وبين وطنه في اي دولة عربية أو اجنبية.