نحارب كفلسطينين على اكثر من جبهة من اجل الدولة الفلسطينية ذات السيادة.. نسعى لدى كل عواصم العالم ليرتفع علم فلسطين على ممثليات فلسطينية تمثل الدولة.. نتحدى الطاغوت الصهيوني والامريكي ونبني باجسادنا ودماء شهدائنا المجبولة بتراب الوطن اسوار هذه الدولة لبنة لبنة.. نتعذب ونجوع لنؤسس ونبني ونشيد مؤسسات من شأنها ان تحقق السيادة لفلسطين كدولة مستقلة يرفرف علمها فوق العواصم ومؤسسات المجتمع الدولي كالامم المتحدة التي قبلت بان يرفع علم فلسطين في باحتها بنيويوك.
يبني الفلسطيني داخل ترابه ويحمي هذا البناء بدمة ولحمه وكل ما يملك، احيانا يأتي المحتل ويهدم ما بني ويقلب كل شيء بجرافاته وبلدوزراته الحاقدة. نزرع ونسقي ما زرعنا من زيتون وبرتقال وليمون بعرقنا لنقول للعالم هذه ارضنا التي ولدنا عليها وورثناها عن ابائنا واجدادنا.. هذه ارضنا الفلسطينية فيها خلقنا وهي هويتنا الخالدة دونها لا نعيش وبلاها لا كرامة لنا.
تخشى اسرائيل ان نملك الارض فتحاربنا عليها وتزج بمستوطنيها ليقتلعوا اشجارنا وزيتوننا، وتخشى ان نمتلك البحر فتطلق الرصاص على من يشق بقواربه عرض البحر ليأتي بالخير للأبناء الوطن، وتخشى اسرائيل ان نمتلك الهواء حتى ولو بطائرة ورقية تحلق فوق سفوح فلسطين.
قاتل ياسر عرفات بكل الاسلحة وطار بين العواصم لتكون لفلسطين دولة.. صارع الزمن وصارع المحتل وضرب بسيفة كل جدار يقف بينه وبين تحقيق الحلم الوطني. جعل من الثورة دولة لها ما للدولة من مؤسات، فأسس القوة (14) للطيران في لبنان، وبعث برجال الثورة إلى كل مكان ليكونوا طيارين مهرة.. بل انه عمد الى تنويع الخبرات والتخصصات الجوية برجال تخرجوا من كبرى كليات الطيران بالعالم، وعملوا بخطوط "المالديف" في العام 1978 والعام 1979 ومن ثم "غينيا" 1988 والعام 1992، وطار الرجال الى كل مكان بطائرات تملكها "م.ت.ف".. خدموا في سلاح الجو الليبي واكملوا تدريباتهم هناك، وكانت اليمن احدى اهم محطات تدريب طيارينا الفلسطينيين.
كان ياسر عرفات يعرف تماما ما الذي يفعله ولماذا يدفع بهؤلاء الرجال ليتعلموا في كل قسم من اقسام الطيران بالدول الشقيقة. في العام 1992 اوعز لرجاله بإنشاء وتأسيس هيئة الطيران المدني الفلسطيني وبدأ العمل منذ ذلك اليوم على ان يكون لفلسطين خطوط جوية ومطار دولي كاحد اهم رموز السيادة على الارض.
في العام 1996 وضع حجر الاساس لمطار غزة الدولي بعد عامين من وصولة ارض الوطن واعطى التعليمات ان يكون المطار حسب مواصفات المطارات الكبرى في عواصم العالم، واقيم المطار في رفح وكان مدرج المطار بطول 3300 متر وعرض 60 مترا. احتوى المطار على كل الخدمات الرئيسية لخدمة الطائرات العملاقة وكل اجهزة الملاحة الجوية والاقلاع بالاضافة لمحطة وقود كاملة تحتوي على معمل لتحليل الوقود وهجغر صيانة يتسع لثلاث طائرات بتمويل اسباني.
واتجه ابو عمار للصديقة مصر للبدء باول خطوة عملية ليحلق طيارونا الى عنان السماء بطائرات فلسطينية ترفع علم فلسطين وطلب من الراحل (حسني مبارك) شهادة الكفاءة الدولية (AOC) ولم تبخل القاهرة على فلسطين، وهذا اتاح لفلسطين ان تكون عضوا في منظمة الطيران العالمي ICOA، وفي اتحاد النقل الجوي العالمي IATA، وفي اتحاد النقل باليورو متوسطي.. هذا حقيقة يمثل سيادة وطنية فلسطينية لدولة فلسطينة، وهذه الرخصة تجدد سنويا بناءاً على طلب السلطة الفلسطينية.
علمنا مؤخرا وبنهاية عام 2020 ان احدهم في وزارة المواصلات الفلسطينية كتب إلى لقاهرة طلبا رسميا بعدم رغبة فلسطين تجديد هذه الشهادة التي ناضل من اجلها ياسر عرفات، وابدت مصر اسغرابها لهذا الطلب وفضلت اعطاء فلسطين مهلة للتفكير لان هذه الشهادة تعني السيادة لفلسطين ومن خلالها يستمر تحليق طائراتنا الفلسطينية لكل عواصم العالم.
يبدو ان هناك مخططا لتصفية الخطوط الجوية الفلسطينية، وخاصة بعد الغاء هيئة الطيران المدني الفلسطيني، ونقل الصلاحيات لوزارة المواصلات. وبذلك يبدو ان مخطط تصفية كل ما يتعلق بالطيران المدني الفلسطيني يجري الان تحت ذريعة انه مكلف ولا يدر اي اموال للسلطة، مع العلم ان هذا كلام عار عن الصحة، وحتى لو كان صحيحا فانه يتوجب على السلطة تخفيض مصروفاتها غير الضرورية لتبقى الخطوط الجوية الفلسطينية وتحافظ على الكادر المهني من مهندسين وطيارين وملاحين وكل الطواقم، بل تناضل رئاسة الوزراء من اجل زيادة عدد الطائرات العاملة على الخطوط من خلال المساعدات الدولية والاصدقاء وتخصيص ميزانية خاصة لانشاء اسطول ملاحي فلسطيني يعزز السيادة الوطنية الفلسطينية في كل العالم.
لا اعرف لصالح من يتم تصفية الخطوط الجوية الان، ولصالح من يتم تجميد شهادة الكفاءة (AOC) والغائها وبالتالي فقدان فلسطين اهم عناصر السيادة كي تتساوى فلسطين بدول العالم.. لا يعقل ايها السادة ان يناضل الرئيس ابو مازن على منصات العالم لتحصل فلسطين على عضو كامل العضوية بالامم المتحدة ويناضل من اجل اعتراف المزيد من دول العالم بدولة فلسطين ويطل علينا نفر من وزارة الواصلات ويسعى عن جهل او عن دراية لتصفية كل ما يتعلق بالطيران المدني الفلسطيني، وبالتالي يحقق لاسرائيل ما كانت تسعى اليه، ويكمل دائرة تدمير مطار غزة الدولي الذي ندمت اسرائيل على انشائه.
انها جريمة بحق الوطن وجريمة يسجلها الشعب في سجل اسود تستدعي من سيادة الرئيس ابو مازن الاسراع في تشكيل لجنة تحقيق متخصصة للتحقيق مع كل من شارك في هذه الجريمة وتحولهم للمحاكمة، والايعاز باعادة تشكيل سلطة الطيران المدني فوراً وتطوير الكادر الملاحي وشراء طائرات حديثة للحفاظ على الخطوط الجوية الفلسطينية تطير لكل بلاد العالم وتحط بمطارات اوروبا وامريكا التي رأيت بنفسي في العام 1999 على بورد مطار نيويورك اسم (مطار غزة الدولي) فلسطين والطائرات المتوجهة الى هناك وكانت طائرة (الخطوط الجوية المغربية) التي اخبرني قبطانها انهم يأتوا الى فلسطين لاجل سيادة دولة فلسطين مع ان الرحلة لا تغطي تكلفتها.