تشهد الساحة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام ٦٧حالة من التفاعلات الحيوية بهدف العمل على بلورة القوائم الضرورية للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي حسب المراسيم الرئاسية والتي ستعقد يوم ٢٢/٥.
وتتابع أنظار المهتمين والمراقبين هذا التفاعلات عن كثب.
وفي الوقت الذي تتركز المتابعة على أوضاع حركة "فتح" التي تشهد حالة من التعددية والكتل المتعددة والتي ستنافس باسمها فإن المتابعة تكون اقل لحالة حركة "حماس" التي تبدو أوضاعها الداخلية أكثر تماما من غيرها، رغم وجود حالة من التباين الطبيعي خاصة اذا أدركنا انها تقوم وبسرعة ومرونة ملفتة للنظر بإتمام انتخاباتها الداخلية.
ولان السياسة هي نتاج لتوازنات القوى، ولان اليسار يشهد حالة من الانحسار التدريجي الواضح فإن الأضواء لا تركز عليها كثيرا.
تتميز الانتخابات الراهنة بحالة من التنافس والاستقطاب الحاد وذلك بغض النظر عن الحديث حول القائمة الموحدة بين حركتي "فتح" و"حماس" والذي يلقى اعتراضا بين أعضاء وكوادر الحركتين.
حالة الانقسام أدت إلى زيادة حالة الاكتشاف بالساحة الفلسطينية وقد اعطى ذلك المجال لبعض القوى الدولية والإقليمية مستخدمة المال السياسي والولاء على قاعدة المصالح الفئوية والفردية والاقتصادية للتدخل بالشأن الفلسطيني الداخلي وذلك بعيدا عن فكرة القرار الفلسطيني المستقل التي كان الشهيد الراحل ياسر عرفات يعمل على التمسك بها.
وعليه فالانتخابات القادمة قد تشهد تغييرا وتبديلا بالمعادلة السياسية عبر فرز قوى جديدة وتلاشي بعض القوى وإعادة تجديد وتشريع قوى قائمة عبر تعزيز وجودها بواسطة صندوق الاقتراع.
وعليه فقد أصبح ليس من الترف الحديث عن وحدة التيار اليساري (الديمقراطي) في قائمة انتخابية موحدة بالقدر الذي يشكل ذلك حاجة موضوعية ملحة.
ولكن ومع الأسف هناك العديد من التجارب الفاشلة في وحدة اليسار سواء من خلال التجارب الانتخابية كما جرى في انتخابات عام ٢٠٠٦ او فشلها في تشكيل قوائم انتخابية موحدة بانتخابات النقابات المهنية ومجالس الطلبة والبلديات، وكذلك الاخفاق الذي حصل في تجربة التجمع الديمقراطي والذي انفرط عقده بعد أشهر قليلة من الاعلان عن تأسيسه.
وبسبب زيادة المزاحمة وقوة نفوذ الحزبين الكبيرين واحتمالية صعود قوى جديدة أصبح من الضروري للتيار الديمقراطي التفكير الجاد بتشكيل قائمة انتخابية موحدة.
اعتقد انه من الصعوبة بمكان الاخفاق في انجاح هذا الفرصة التي ربما تكون الأخيرة امامة لكي يبقى موجودا ومؤثرا في الحياة السياسية والثقافية بما يملكه من تراث وطني ومخزون ثقافي هام في المجتمع الفلسطيني.
وحتى تنجح هذا القائمة لابد من التفكير بالمصلحة العامة والرؤية الجمعية الرامية لإعلاء الفكر الديمقراطي التقدمي في الساحة الفلسطينية.
كانت العقبات السابقة التي تعترض تشكيل قائمة موحدة للتيار الديمقراطي تكمن بالتزاحم على الحصص والمواقع.
اعتقد ان خصوصية المرحلة تتطلب هذه المرة الابتعاد عن ذلك والتفكير بالقواسم المشتركة التي تعمل على صيانة ورفع شأن التيار الديمقراطي في الساحة الفلسطينية. ولكي يتحقق ذلك لابد من التفكير بعيدا عن آليات الحصص والمواقع لصالح رفع مكانة الفكرة.
لقد تضررت قطاعات اجتماعية واسعة من حالة الانقسام، وقد برز ذلك من خلال حركات الاحتجاج السلمي والمطلبي سواء في ما يتعلق بذوي الإعاقة او المعلمين او قضية الضمان الاجتماعي واخيرا قضية المحامين.
من الهام دمج ممثلين عن القطاعات الاجتماعية المختلفة والمتضررة في بنية التيار والقائمة بعيدا عن التزاحم الفردي او الحزبي الأمر الذي سيساهم بتصدير كتلة للمجتمع تعبر موضوعيا عن البعد الوطني والديمقراطي والحقوقي، كما سيعمل ذلك على إعطاء نموذج من القوى الديمقراطية يتسم بالإيثار وتقديم المصلحة العامة على الخاصة بما سيساهم في إزالة الانطباعات القديمة عنه والتي عملت على ابتعاد قطاعات وأوساط ليست بسيطة عنه.