اعتادت شركات هوليوود السينمائية على تصوير الياباني في افلامها باعتباره الحاذق والعبقري وصاحب التقاليد الصارمة والعريقة، والمتفهم للغرب وقيمه واهدافه، واستطاعت هذه الشركات الاستعمارية المحمولة على ثقافة استعلائية ان تقسم العالم وتنمطه بما يخدم مصالحها، اعتادت على ان تجعل من الياباني صديقا للبطل في الفيلم، ينقذ العالم او يقدم الحكمة المفقودة، ولكن دون تلك اللمسة التي تجعله جذابا او محبوبا كما هو البطل الغربي الابيض الذي يتميز بكثير من الطيش ولكن مع الكثير من السحر والجاذبية.
كل شيء مرسوم بدقة في هوليوود، فالايطالي عاشق متهور والفرنسي مثقف متكاذب والاسود مجرم اما العربي فهو الغبي المنذهل والذاهل، الغني الذي لايفهم في العلم او الفن، العربي صاحب الشهوات المنفلتة والثقافة المغلقة والراغب دوما في تدمير العالم.
هذا التنميط ليس مجانيا ولا عبثيا، هوليوود تعرف ماذا تفعل وماذا تسوق، معنية بتصوير صورة منفرة للعربي والمسلم لتستكثر عليه المطالبة بالحرية او الاستقلال او التحكم بثرواته وحدوده وفضائه، ولتمنعه من ان يلتحق او يتنعم او يشارك في الحضارة الانسانية، عمليا، فأن هذه السينما الاستعمارية التي تشارك بشكل فعال في تحطيم صورة العربي المسلم عن نفسه، وتحجر عليه المطالبة بحقوقه وتمارس بحقه كل اشكال القمع والاستلاب والمصادرة، تساهم مساهمة فعالة في حرب ثقافية عميقة ومستمرة وتأتي بثمارها بشكل يومي من خلال عمليات التغريب والاحباط والانسلاخ الثقافي من جهة، او من خلال موجات الهجرة والعنف والجدل الداخلي الذي لا يهدأ.
ان الشركات الاستعمارية السينمائية التي تقدم صورتين مختلفتين للعربي الغبي من جهة والياباني المتقدم من جهة اخرى، انما تقوم فعليا في تعزيز السيطرة على المنطقتين، على اليابان وعلى العالم العربي والاسلامي معا.
ان الصورة الجيدة التي تقدمها سينما هوليوود عن اليابان انما تخدم في نهاية الامر الصورة التي يريدها الغرب عن اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، اليابان بدون العسكرتاريا القومية المتطرفة، وبدون الاحلاف العدوانية، وبدون المشاعر القومية العالية، وبدون الثقافة التقليدية التي ترفض الاحتلال ومصادرة القرار الوطني.
نجاح اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وتجاوز ازمتها الحضارية والعسكرية انما تم بسيطرة الغرب وقوانين الغرب ومساعدة الغرب، ولذلك صارت اليابان قصة نجاح للحضارة الغربية المنتصرة.
لم يحدث ان انكسرت امة بهذا الشكل ثم استطاعت النهوض بهذه السرعة مستخدمة ادوات وعقل الغالب.
لماذا لا نكرر التجربة اليابانية؟! لماذا لا نتحول الى ان نكون يابانيين؟!
ببساطة، لان الغرب الاستعماري لا يقبلنا ولا يريدنا ان نقلده او ننهض من كبوتنا، هو لا يريدنا يابانيين اصلا؟!
سيقول قائل ان اليابان اذكياء ومطواعين واصحاب ثقافة مختلفة، واننا على عكسهم كلنا عباقرة وفرسان ولا نطيق احدا وانانيين ..الخ.
قد يكون ذلك صحيحا، ولكن الصحيح ان الغرب يريد من اليابان ان تتمثل كل قيمة في العمل والبناء والصناعة، لتكون قاعدتهم العسكرية وعينهم الثقافية والاستراتيجية، في منطقة تشكل تهديدا امنيا وتجاريا واستراتيجيا، اما في منطقتنا فهناك اسرائيل والثقافة البديلة والنفط ولهذا لا يمكن ان نكون يابان أخرى.